Wednesday, October 26, 2011

تابع

في مكتب السيدة التي كانت مسئولة عن شئون الطلبة العمانيين في الجامعة تبين لي مدى تخلف هذا الجزء من العالم مقارنة بدول مثل الولايات المتحدة أو حتى بريطانيا، لم يكن هناك أي إستعداد لاستقبالي، ولم تكن السيدة التي يحمل بريدها الإلكتروني مالايقل عن 15 رسالة مني على علم بموعد وصولي، ولم تستطع مساعدتي في الحصول على مقر للسكن ولكنها على الأقل إستطاعت الإتصال بأحد الشباب العمانيين ليقوم بالمهمة نيابة عنهم، واكتشفت بعدها أن الطلبة هم من يقوم مقام قسم رعاية الطلبة الأجانب من إستقبال الطلبة الجدد ومساعدتهم على إيجاد السكن وحتى تقديم المشورة فيما يتعلق بتسجيل المواد، علما بأن وزارة التعليم العالي تدفع للوكالة الإسترالية للتدريب والتعليم مايقارب 800 ريال عماني عن كل طالب مبتعث عن طريق الوزارة لتقديم الدعم والرعاية للطلبة، إلا أنني قضيت مايقارب السنتين في ملبورن دون أن أرى أياً من موظفي الوكالة، وحتى بعد أن اتصلت بهم صباح اليوم التالي لوصولي تنفيذا للتعليمات التي حصلت عليها من عمان، لم يزد رد موظف الوكالة - اللباني الجنسية - عن تمنيات بقضاء وقت طيب في استراليا، وماعدا ذلك قمت بعمل كل شيء بنفسي إبتداء من التأمين الصحي وإنتهاء بالتسجيل في الجامعة وبعون من بعض الطلبة العمانيين.
بالنسبة للفترة التي كنت فيها في ملبورن، كان هذا الدور يقوم به كل نبيل و الدكتور صالح وهما الشخصان التي اتصلت بهما لمساعدتي، و نبيل هذا شاب خدوم إلى أبعد الحدود، أخذ على عاتقه القيام بمسئولية رعاية الطلبة العمانيين الجدد، فكان يستقبلهم في المطار، ويساعدهم في البحث عن السكن الملائم، و يأخذ بيدهم حتى يشبوا عن الطوق ولا يعودوا يذكرونه إن رأووه في مكان بعد عدة أشهر، أما الدكتور (لم يكن دكتورا بعد بل طالب دكتوراة) فقد كان كبيرهم، و الشخص الذي يلجأوون له طلبا للنصح والمشورة، وهم رجل شهم و على قدر كبير جدا من الإحترام و دماثة الأخلاق.

Friday, October 21, 2011

تابع

أخذت سيارة أجرة وتوجهت إلى مقر الجامعة حسب العنوان الذي سبق لمندوبة الجامعة أن أرسلته لي، حيث يقع المقر في وسط المدينة التي تبعد عن الفندق حوالي 20 كيلومترا، رغم أن صاحب الفندق قد نصحني مشكورا بإستخدام الميترو الذي يقع على بعد مسافة قصيرة، حتى أنه اقترح علي إستخدام الباص أو الترام او (التروماي) بالمصري حتى محطة الميترو إن كنت لا أستطيع المشي، لكنني لم أشاء المغامة في مدينة لا أعرفها، وبصحبتي طفلتي الصغيرة.
 فوجئت عند وصولي بأن المسئولة عن الطلبة العمانيين و التي كان علي مقابلتها متواجدة في فرع الجامعة الذي يقع بالقرب من الفندق مباشرة، وهذا ما يجب على من ينوي السفر إلى ملبورن الانتباه له، بالتأكد من عنوان الكلية التي يدرس فيها فأغلب الجامعات لديها أكثر من مبنى موزعة على عدة أحياء، تمالكت نفسي في تلك اللحظة التي بلغ بي الغضب فيها مداه، ولكني لم أشأ أن أرهق أعصاب طفلتي أكثر مما هي مرهقة، فأخذت القطار من محطة شارع فلندرز الذي أرشدتنا إليه موظفة الجامعة بعد أن أخذنا جولة قصيرة في الشارع الذي يقع فيه مبنى الجامعة، إذ أن كلية الإدارة والمالية التي أنا بصدد الدراسة فيها تقع في هذا المبنى، حتى اتعود على المكان من حولي، للأسف لم أكن حينها أعلم باالترام السياحي المجاني الذي ينطلق من أمام الجامعة و يأخذ السياح في جولة مدتها نصف ساعة حول مركز المدينة، شبيه بباص السياح المجاني في أوروبا، فهذه فكرة جيدة لمن يريد استكشاف الأماكن و من ثم العودة إليها في وقت آخر، وإن كان بالامكان التوقف في كل محطة، و التجوال فيها ثم العودة للباص للإنتقال للمحطة التالية، على كل حال لم أكن سائحة، و سيكون لدي متسع من الوقت للتجول في ملبورن..وهو ماقمت به فعلا.

وجدت فرع لبنك الكومنويلث أمامي فدخلته، فتحت حساباً لايداع المبلغ الذي كنت قد أحضرته معي من عمان، خشية أن أتعرض للسرقة في هذا البلد المجهول بالنسبة لي تماما، كنت حريصة ألا أضع نفسي في مأزق، و أشمت فيني العذال، فقد كنت مدركة بأن الكثيرون ممن حولي كانوا يستنكرون علي هذا القرار بالسفر إلى نهاية العالم وحدي مع طفلتي، وإن لم يقلها أحد أمامي صراحة، خاصة وأن استراليا كانت حديثة العهد بإستقبال الطلبة الخليجين، وكان عدد العمانيين في ملبورن يعد على الأصابع.

Friday, October 7, 2011

شتاء في عز الصيف

المفاجئة الثالثة التي كانت بإنتظاري هي البرد القارص جدا جدا في هذا الوقت من السنة، والذي لم أكن قد حسبت له حسابا، كنت قد جئت من صيف عمان حيث تبلغ درجة الحرارة في هذا الوقت – منتصف يوليو- حوالي 48 درجة مئوية، بالنسبة لملبورن كان الوقت شتاءا وكان البرد قارصا إلى درجة انه سبب لابنتي صدمة، وبدأت تبكي بشدة، مما زاد الطين بلة أن جهاز التدفئة في الغرفة لم يكن يعمل عند وصولنا، لذا فإن تدفئة الغرفة أخذت منا بعض الوقت والسرير الذي لجأنا إليه طلبا للدفء كان شبيها بحوض ملئ بمياه مثلجة لشدة برودته، كنت قد بدأت أفقد أعصابي في المطار وزاد البرد من شدة غضبي وتوتري، وقد بلغ هذا الغضب ذروته عندما بدأت طفلتي في البكاء تحت وطأة البرد الذي لم يكن جسمها الصغير قد ألفه بعد، لم يكن أمامي من خيار فالوقت كان متأخرا جدا، ولم يكن بإستطاعتي إلا إنتظار شروق الشمس، بدأت العن نفسي لأنني لم أسمع كلام رئيسي في العمل الذي نصحني بالذهاب إلى بريطانيا القريبة، لكنني عاندت من منطلق أنني لا أحب أن يفرض علي أحد أيا كان كيف أسير حياتي، كما أنني و بالأمانة قلبتها في مخي، و قلت في نفسي بأن هذه قد تكون فرصتي الوحيدة في زيارة هذا الجزء من العالم، وبعثة سنة و نص كفيلة بأن تجعلني أجوب القارة الاسترالية، أنا التي أعشق السفر و التي لولا البعثة والتي جائتني عن طريق الخطأ أو الصدفة البحته وحدها، ما حلمت بالذهاب إليها، رغم كونها بالفعل كانت أحد أحلام حياتي الكثيييييييييييرة جدا.
في صباح اليوم التالي، استيقظت مبكرة كعادتي وجهزت لنفسي فنجان قهوة، إذ من حسن حظي أن المسئولين في الجامعة حجزوا لي شقة مؤثثة، وكان قرارا صائبا لأني لا أعرف كم من الوقت سيتطلب مني إيجاد مقر دائم للسكن ، الشقة تقع في مبنى صغير للشقق المفروشة، واختارتها الجامعة على مايبدوا لقربها من الحرم الجامعي في فوتسكري، ولكون أغلب الطلبة العرب يأتون مع علئلاتهم.