Wednesday, November 30, 2011

تاااااااااااااابع

و على كل حال يمكن تقسيم العمانيات في ملبورن إلى ثلاثة فئات، فئة طالبات الدراسات العليا أمثالنا، و أغلبنا كنا نعيش في فوتسكري، حيث البيوت ذات الطابق الواحد، و التي تقع في حي هادئ و فيها سور في الغالب حتى يكون متنفسا للأطفال للعب فيه..
و هناك مجموعة طالبات الدراسة الجامعية من الخريجات الجدد، و يقطن في المدينة، ولم التقي بهن شخصيا إلا مرة واحدة، عندما جاء لزيارة ملبورن وزير التعليم العالي أنذاك..باستثاء من قصدنني طلبا للمساعدة عند بداية وصلهن لملبورن
وهناك شلة شارع سدني من الزوجات اللائي جئن برفقة أزواجهن، و شكلن حيا عمانيا مصغرا إلى جانب الأحياء العربية الأخرى في شارع سدني، حيث يستطيع الرجل التجول بالدشداشة و الكمة دون أن يلاحظه أحد، و تستطيع النساء التجول بصحون الفوالة، و النقاب دون أن يلفتن إنتباه أحد، و اغلب هؤلاء من الملتزمين دينيا، أو المطاوعة، و كنا نخشى كثيرا الاختلاط بهم في تلك الفترة، التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر، لأن عيون الهجرة الاسترالية كانت على الملتحين، و المنقبات، خاصة وأنهم كانت لديهم الكثير من التجمعات العائلية كأسر، و يتجولون كما ذكرت بالملابس التقليدية، كنا حريصات خاصة نحن الطالبات، أن لا نثير المشاكل، أو نلفت الانتباه إلينا، لم نكن نشارك في التجمعات، وكانت أغلب مشاويرنا معا..
ذهبت لشارع سدني شخصيا مرات تعد على الأصباع، للتبضع من محلات الأغذية العربية هناك، ومرة في رمضان للإفطار في المطعم العربي الشهير هناك..مع المجموعة
كانت حياتنا مقسمة بين الجامعة و رعاية الأطفال أثناء الأسبوع، حيث كنت أستيقظ باكرا لأهيئ ابنتي للمدرسة، وكان من حسن حظي أن مدرستها قريبة، فكنت أخذها مشيا، و أعود لإعداد وجبة الغداء، إذ كنت أحرص على اعدادها يوميا، و طبعا في الغالب تكون عيش، و ساعد مجمع استراليا المتعدد الأعراق  في أن نتمكن من الحصول على كل المنتجات الغذائية التي نستخدمها في عمان عادة..
بعدها أذهب إلى محاضراتي ثم أعود لأخذ طفلتي من المدرسة، و أحمدالله سبحانه أن جدول محاضراتي كان في الفترة الصباحية، وكل المحاضرات كانت أثناء تواجدها في المدرسة، الأمر الذي لم أضطر فيه إلى الاستعانة بأحد لرعايتها سوى أيام الامتحانات، في حين تخصص الفترة المسائية للمذاكرة وكتابة البحوث، و رعاية الأطفال ..
لهذا عندما تحين إجازة نهاية الأسبوع، تعتمد علي الأخوات لإعداد برنامج ترفيهي، يؤخذ فيه في الإعتبار أنشطة للبنات، و تتضمن البرامج المجمعات التجارية طبعا حيث كنا نختار مجمع مختلف كل أسبوع، و يجب أن تتضمن الزيارة تجربة طعام جديد بالنسبة لي..
أحيانا كنا نأخذ أكلنا معنا و نذهب إلى الحديقة القريبة من المنزل، وهي حديقة طبيعية ضخمة، تحتوي على عشرات الأشجار و الزهور بأحجام وألوان وأشكال مختلفة، و تقع على ضفة النهر مما يتيح للبنات الأكبر سنا ركوب الدراجات و التزلج بالسكوتر، فيما نجلس نحن الأمهات نراقب الوضع حول (غنجات) الفطائر و السندويتشات حال المغتربين في كل مكان على مايبدو، إذ كان شكلنا شبيه بشكل الوافدين الذين نراهم في حدائق مسقط وشواطئها..
لم تخلوا الجولات طبعا من زيارة للمتاحف، و المعارض الفنية، و العروض الفنية التي تقام في الشوارع، وهي ظاهرة تنفرد بها ملبورن ذات العرقيات المتعددة..
أحيانا كثيرة تقام الفعاليات في شقة أحدانا، و في هذه الحالة تكون المنافسة على أشدها بين عضوات الفريق في إظهار مهارات الطبخ، الذي كنا كلنا تقريبا في  نفس المستوى فيه، وإن اختلفت التخصصات، كنت أستمتع جدا بهذه الجلسات، لست أدري لماذا لكن الألفة بين الناس تزداد كثيرا في الغربة، كما يزيد التقارب بين الأفراد، إذ لا أعتقد بأنه كان من الممكن أن نكون بهذا التقارب لو أننا التقينا في عمان..
و قد ساعدت هذه اللقاءات في تخفيف حدة الاحساس بالغربة لدينا، إذ شكلنا درع حماية لبعضنا البعض، و فريق دعم، وعندما كانت إحدانا تضعف تحت وطأة الغربة والمسئولية، كنا نخفف عنها و نساندها...
تظهر ايضا الغربة قدراتنا الخفية، التي لا يتسنى لنا معرفتها و نحن في وسط أهلنا، فقد مررنا بكثير من الظروف لكننا تجاوزناها معا...
عدد من العضوات حملن وهن في استراليا، فكان علينا أن نرعاهن، ونقوم بدور الأم..
شهدنا بعض الولادات التي كانت مناسبات تستحق الاحتفاء..وشهدنا زيجات حديثه، و أفراحا و أتراحا عدة تجاوزنها كفريق..

Saturday, November 19, 2011

تااااااااابع

الموضوع يعتمد على الرغبة وحب الاكتشاف، الغريب في الأمر أنني رأيت الكثيرين يأتون إلى ملبورن و يغادرونها دون أن يتجولوا فيها، فتجد مشاويرهم لا تتعدى الجامعة، و السكن، و ربما الشارع القريب منهم، فهم لا يملكون الفضول و حب الاكتشاف على ما يبدوا، والبعض يتحجج بأنه لا يعرف، والآخر بأنه لا يملك صحبة و لا يحبذ بالتالي التجول وحده..

قليلون من لاحظت بأنهم يحاولون إكتشاف المدينة، و القليلون جدا من سافر خارج ملبورن، باستثناء من لديهم أهل أو أصدقاء في مدن مجاورة..

بالنسبة لي الأمر مختلف تماما، فأنا أحب جدا السفر و الترحال، يستهويني الاكتشاف، و المشي في شوارع المدن، أكثر ما أحبه هو العمارة، خاصة القديمة منها، أحب الكنائس و دور العبادة بشكل عام، و تمتلك ملبورن الكثير منها، وقد أتاح لي موقع الجامعة و توقيت محاضراتي الوقت الكاف للتسكع في شوارعها، و إكتشاف معالمها، حتى أصبحت خبيرة فيها، و تحولت بعد بضعة شهور إلى دليل سياحي للبنات، اللائي يشاركنني إهتماماتي – ولم يكن كثيرات - ...

لم تمض أسابيع حتى بدأت طالبات الدراسات العليا يتوافدن على ملبورن، و قد جعل وصولي المبكر و فضول الاكتشاف عندي، و شخصيتي المستقلة أن أسحب البساط من تحت الدكتور، و أتحول إلى زعيمة ومرشدة للطالبات اللائي كن يرسلن إلي من قبل الجامعة أو الطلبة العمانيين، و تحول بيتي في غضون أشهر إلى (البيت الكبير) الشبيه ببيت جدتي في الاجازات و المناسبات، فقد كان ملتقى للطالبات و أطفالهن، حتى أنني تبرعت بعد مدة أن أقوم بدور الجليسة لطفلة إحدى الزميلات، أثناء محاضراتها، وكان وجود طفلة في البيت في الحقيقة تجربة ممتعة، أشعرني وجودها بجو أسري افتقده، كما كانت طفلتي تتسلى بوجودهها ..

لكن بشكل عام كانت جميع الطالبات يأتين في البداية طلبا للمأوى أو النصيحة، لكن ما يلبثن أن يذهبن ولا أعود أراهن مرة ثانية، خاصة بنات البكالريوس، بسبب فارق العمر الذي بيننا، هذا فضلا عن أنني بطبعي إنتقائية جدا جدا في إختلاطي بالناس، وكانت شلتي الرئيسية تتكون من أربع سيدات، اخترتهن بعناية فائقة، كونهن متقاربات في السن تقريبا مني من جهة، وكونهن أيضا متقاربات فكريا معي و يشاركنني إهتماماتي، وما زلنا حتى يومنا هذا صديقات.
تتكون المجموعة من محاضرة في جامعة السلطان، ومهندسة من عمانتل، ومحاضرة من كلية التمريض، ومدرسة من وزارة التربية) اثنتان منهن جئن مع أسرهن و المكونة من الزوج وطفلة واحدة، و واحدة أخرى مثلي جاءت مع طفلتها)، لم يكن من بين الطالبات من عندها طفل ذكر، حتى من الطالبات اللائي لم يكن من ضمن مجموعتنا أو انضممنا إلينا في وقت لاحق، أو تعرفنا عليهن في مناسبات متفرقة..كان ذلك الموسم موسم الاناث، كما كنا نتندر به بيننا..فقد انضمت إلينا بعد مدة سيدة جاءت بصحبة اثنتان من بناتها واحدة في عمر ابنتي و الثانية أصغر بقليل..

Saturday, November 12, 2011

تابع

كانت الشقة ملاصقة تماما لشقة الدكتور و عائلته، التي من حسن حظي وربما بفضل دعوات والدتي اطال الله لي في عمرها تتكون من ثلاث بنات تتقارب أعمارهن من عمر بنتي، فتكونت بينهن صداقة على الفور، الأمر الذي أزاح عني هم رعايتها أثناء تواجدي في الجامعة، لقد شعرت بأن عائلة الدكتور هبة من رب السماء، و نعمة مازلت أحمد ربي عليها حتى اليوم، فقد أصبحت عائلتي الثانية هناك.

كانت الشقة ذات الطراز القديم، مثالية أيضا و بشكل خيالي، فقد كانت ملكا لممرضة اضطرت للسفر إلى أوروبا للعمل، وكانت قد اشترتها للتو و عملت لها صيانة شاملة، وكنت أنا أول من سكنها بعد الترميم، وهي مكونة من غرفتي نوم وصالة كبيرة وتقع على بعد خطوات من مدرسة إبنتي ، كما كانت قريبة من المركز التجاري الذي تقع بالقرب منه محطة القطار، على بعد خطوات أيضا يقع فرع الجامعة الذي يقع فيه القسم المسئول عن الطلبة العمانيين، و على بعد خطوات من نهر الراي و الحديقة الطبيعية، كما قلت كان الموقع إستثنائيا فعلا.

صحيح أن كليتي بعيدة نسبيا، لكن توجد محطة ميترو مقابلة الجامعة تماما، وكان فرصة بالنسبة لي لإكتشاف وسط المدينة بين المحاضرات..

فموقع الجامعة (جامعة فيكتوريا) يقع في قلب المدينة مباشرة، و على بعد خطوات من محطة فلندرز للميترو و القطار الذي يربط ملبورن ببقية مدن ولاية فكتوريا، والتي تعد ملبورن العاصمة لها، و أيضا يقع بالقرب منها نهر الراي، الذي تعج ضفافه بالمقاهي التي تشتهر بها ملبورن، و المطاعم بشتى أنواعها، في جلسات رائعة حقا، و أجواء لا تنسى، كما يقع على ضفة النهر الكثير من المعالم السياحية، والمتاحف، و مراكز الترفيه...

و تقع الجامعة في قلب منطقة التسوق في ملبورن و التي تضم محلاتها أرقى و أشهر الماركات العالمية، بالاضافة إلى الماركات المحلية...

لا يتطلب إكتشاف المدينة وسائل نقل في أغلب الأحيان إذ يمكن الوصول إلى أغلب الأماكن مشيا على الأقدام لمحبي المشي أمثالي، أو الانتقال عن طريق الباصات أو الميترو أو الترام، حيث تمتلك استراليا أحد أفضل شبكات المواصلات في العالم، و هي سهلة الاستخدام جدا...

Wednesday, November 2, 2011

تابع

وبعد اشهر من وصولي انضممت إلى نبيل و الدكتور في العناية بالبنات العمانيات، التي كانت مسئولة الطلبة العمانيين ترسلهم لي
 المهم وعد الرجلان بأن يكونا في مكتب الجامعة بعد ربع ساعة فهما على بعد خطوات فقط كما ذكرا، امتدت تلك الربع ساعة إلى ساعة ولم يظهر الرجلان، وكانت طفلتي قد نامت على الكرسي من فرط الاعياء، فأشفقت على ما يبدو علينا السيدة و طلبت منا الذهاب للفندق و سترسلهم للقائنا هناك،وهكذا كان، جاء الرجلان بعد وصولنا للفندق بساعة.

كان رؤية عمانيين في هذه القارة النائية يعادل رؤية أحد أفراد اسرتي، فقد سررت بوجودهما بشكل كبير، شعرت بالأمان و الاطمئنان لمجرد معرفتي بوجودهما، فأنا بشكل عام سيدة لم أتعود الاعتماد على الغير في تسيير أموري (حرمة عن مية ريال) كما كات والدي رحمه الله يحب أن يقول مفاخرا بي أمام الناس، لكن يبقى للغربة رهبتها.

أرسل لي الدكتور زوجته و أولاده بعد لقائنا ذاك، حيث دعتنا الزوجة لتناول الغداء في شقتها المجاورة للفندق، فقبلت الدعوة على الفور وهو مالم أندم عليه أبدا، فقد أكلت ألذ بشباشة عمانية بسمك سلمون استرالي ، وما زال طعم السلمون ذاك حاضرا في ذاكرتي، وهذه دعوة للطلبة العمانيين هناك بأن يجربوا بشباشة السلمون، و مجبوس السلمون الاسترالي الطازج المتوفر بأسعار زهيدة هناك، في حين لا يتسنى أكله إلا من قبل(الراهين) عندنا.

الحقيقة أن السيدة كانت في غاية اللطف حيث عرضت علي الاهتمام بطفلتي حتى أنهي إجراءات تسجيلي بالجامعة و تهيئة السكن المناسب، و امتدت خدماتها إلى تعريفي بأماكن شراء أغراض المطبخ و المونة الغذائية الشبيهة بما نستخدم في عمان، مثل البهارات، والعيش البسمتي، والفول والحمص.....الخ

أخذتني أيضا لسوق الفيتناميين الشبيه بسوق السيب عندنا، حيث تتوفر الفواكه و الخضروات بأنواع لم أرى مثلها في حياتي، و باسعار تقل كثيرا عن أسعار المحلات الأخرى، كما يتوفر فيه السمك بجميع أنواعه، بما فيها الأسماء المجففة التي تشبه العوال و القاشع عندنا...

من حسن حظي أيضا أنها جائتني معها أيضا بالسكن، وهو أمر وجدته اشبه بالمعجزة، فلم تكن مسألة العثور على سكن بالأمر الهين، خاصة بالنسبة لذوي البشرات الحنطية أمثالي كما عرفت من الطلبة بعد ذلك، إذ يشتبه أصحاب المكاتب العقارية في كوننا هنود، والهنود غير مرغوب فيهم كمستأجرين، نظرا لتهربهم من دفع الإيجارات و إساءة إستخدام العقار، إضافة إلى عدم التزامهم بقوانين تنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين.